فقال الوليد: لا ما صدقك ولكنه يقول: ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين، أي الموحدين من أهل مكة، المنزهين له عن الولد.
فمحاورة هذين الكافرين، العالمين بالعربية، مطابقة لما قررنا؛ لأن النضر قال: إن معنى الآية على أن (إن) شرطية مطابق لما يعتقده الكفار من نسبة الولد إلى الله، وهو معنى محذور، وأن الوليد قال: إن {إِنْ} نافية، وأن معنى الآية على ذلك هو مخالفة الكفار وتنزيه الله عن الولد.
وبجميع ما ذكرنا يتضح أن (إن) في الآية الكريمة نافية.
وذلك مروي عن ابن عباس والحسن والسدي وقتادة وابن زيد وزهير بن محمد وغيرهم.
تنبيه
اعلم أن ما قاله ابن جرير وغير واحد من أن القول بأن (إن) نافية يلزمه إيهام المحذور الذي لا يجوز في حق الله.
قالوا: لأنه إن كان المعنى: ما كان لله ولد، فإنه لا يدل على نفي الولد إلا في الماضي، فللكفار أن يقولوا: إذا صدقت لم يكن له في الماضي ولد، ولكن الولد طرأ عليه بعد ذلك لما صاهر الجن، وولدت له بناته التي هي الملائكة.
وأن هذا المحذور يمنع من الحمل على النفي = لا شك في عدم صحته؛ لدلالة الآيات القرآنية بكثرة على أن هذا الإِيهام لا أثر له، ولو كان له أثر لما كان الله يمدح نفسه بالثناء عليه بلفظة (كان) الدالة على خصوص الزمن في الماضي في نحو قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا