الْعَالمِينَ (٤٧)} في الموضعين، وقوله في الدخان: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالمِينَ (٣٢)}، وقوله في الأعراف: {قَال أَغَيرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالمِينَ (١٤٠)}.
ولكن الله جل وعلا بين أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - خير من بني إسرائيل وأكرم على الله، كما صرح بذلك في قوله:{كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} الآية. فَـ (خير) صيغة تفضيل، والآية نص صريح في أنهم خير من جميع الأمم، بني إسرائيل وغيرهم.
ومما يزيد ذلك إيضاحًا حديث معاوية بن حيدة القشيري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في أمته:"أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله"، وقد رواه عنه الإِمام أحمد والتِّرمِذي وابن ماجة والحاكم، وهو حديث مشهور.
وقال ابن كثير: حسنه التِّرمِذي، ويروى من حديث معاذ بن جبل وأبي سعيد نحوه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ولا شك في صحة معنى حديث معاوية بن حيدة المذكور رضي الله عنه؛ لأنه يشهد له النص المعصوم المتواتر في قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، وقد قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}. وقوله:{وَسَطًا} أي خيارًا عدولًا.
واعلم أن ما ذكرنا من كون أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل من بني إسرائيل كما دلت عليه الآية والحديث المذكوران وغيرهما من الأدلة لا يعارض الآيات المذكورات آنفًا في تفضيل بني إسرائيل؛ لأن ذلك التفضيل الوارد في بني إسرائيل ذكر فيهم حال عدم وجود أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، والمعدوم في حال عدمه ليس بشيء حتَّى يفضل