للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وابن ذكوان عن ابن عامر: (كُرهًا) بضم الكاف في الموضعين.

وهما لغتان، كالضُّعف والضَّعف.

ومعنى حملته كرهًا: أنَّها في حال حملها به تلاقي مشقة شديدة.

ومن المعلوم ما تلاقيه الحامل من المشقة والضعف إذا أثقلت وكبر الجنين في بطنها.

ومعنى وضعته كرهًا: أنَّها في حالة وضع الولد، تلاقي من ألم الطلق وكربه مشقة شديدة، كما هو معلوم.

وهذه المشاق العظيمة التي تلاقيها الأم في حمل الولد ووضعه، لا شك أنَّها يعظم حقها بها، ويتحتم برها والإِحسان إليها، كما لا يخفى.

وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من المشقة التي تعانيها الحامل، دلت عليه آية أخرى، وهي قوله تعالى في لقمان: {وَوَصَّينَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا} أي تهن به وهنًا على وهن، أي ضعفًا على ضعف؛ لأن الحمل كلما تزايد وعظم في بطنها ازدادت ضعفًا على ضعف.

وقوله في آية الأحقاف هذه: (كرهًا) في الموضعين، مصدر منكَّر، وهو حال، أي حملته ذات كره ووضعته ذات كره، وإتيان المصدر المنكَّر حالًا كثير، كما أشار له في الخلاصة بقوله:

ومصدر منكر حالًا يقع ... بكثرة كبغتة زيد طلع