للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى إثخان هؤلاء المقاتلين رتب بالفاء قوله: {فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} الآية.

فظهر أن الآية لم تتناول أنثى ولا صغيرًا ألبتة.

ويزيد ذلك إيضاحًا أن النهي عن قتل نساء الكفار وصبيانهم ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأكثر أهل الرق في أقطار الدنيا إنما هو من النساء والصبيان.

ولو كان الذي يدعي نفي الرق من أصله يعترف بأن الآية لا يمكن أن يستدل بها على شيء غير الرجال المقاتلين، لقصر نفي الرق الذي زعمه على الرجال الذين أسروا في حال كونهم مقاتلين، ولو قصره على هؤلاء لم يمكنه أن يقول بنفي الرق من أصله كما ترى.

الوجه الثاني: هو ما قدمنا من الأدلة على ثبوت الرق في الإِسلام.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي: إذا لقيتم الكفار فاضربوا أعناقهم، {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ} قتلًا فأسروهم، {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} أي: حتى تنتهي الحرب.

وأظهر الأقوال في معنى وضع الحرب أوزارها أنه وضع السلاح، والعرب تسمي السلاح وزرًا، وتطلق العرب الأوزار على آلات الحرب وما يساعد فيها كالخيل، ومنه قول الأعشى:

وأعددت للحرب أوزارها ... رماحًا طوالًا وخيلًا ذكورا

وفي معنى أوزار الحرب أقوال آخر معروفة، تركناها؛ لأن هذا أظهرها عندنا. والعلم عند الله تعالى.