للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنه بناءً على هاتين المقدمتين، يمنع العمل بكتاب الله وسنة رسوله منعًا باتًا على جميع أهل الأرض، ويستغنى عنهما بالمذاهب المدونة.

وزاد كثير منهم على هذا منع تقليد غير المذاهب الأربعة، وأن ذلك يلزم استمراره إلى آخر الزمان.

فتأمل يا أخي رحمك الله: كيف يسوغ لمسلم أن يقول بمنع الاهتداء بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وعدم وجوب تعلمهما والعمل بهما، استغناء عنهما بكلام رجال غير معصومين، ولا خلاف في أنهم يخطئون؟!

فإن كان قصدهم أن الكتاب والسنة لا حاجة إلى تعلمهما، وأنهما يغني غيرهما، فهذا بهتان عظيم ومنكر من القول وزور.

وإن كان قصدهم أن تعلمهما صعب لا يقدر عليه، فهو أيضًا زعم باطل؛ لأن تعلم الكتاب والسنة أيسر من تعلم مسائل الآراء والاجتهاد المنتشرة، مع كونها في غاية التعقيد والكثرة، والله جل وعلا يقول في سورة القمر مرات متعددة: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) ويقوله تعالى في الدخان: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) ويقول في مريم: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (٩٧)}.

فهو كتاب ميسر بتيسير الله لمن وفقه الله للعمل به، والله جل وعلا يقول: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}، ويقول: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢)}.

فلا شك أن الذي يتباعد عن هداه، يحاول التباعد عن هدى الله ورحمته.