ديدنه - صلى الله عليه وسلم -، حتى قالت عائشة - رضي الله عنها -: "ما صلى صلاة لآخر وقتها مرتين حتى قبضه الله" ولا يشك منصف أن فعل الصلاتين دفعة والخروج إليهما مرة أخف من صلاة كل منهما في أول وقتها. وممن ذهب إلى أن المراد بالجمع المذكور الجمع الصوري ابن الماجشون، والطحاوي، وإمام الحرمين، والقرطبي، وقواه ابن سيد الناس بما قدمنا عن أبي الشعثاء، ومال إليه بعض الميل النووي في شرح المهذب في باب المواقيت من كتاب الصلاة.
فإن قيل: الجمع الصوري الذي حملتم عليه حديث ابن عباس هو فعل كل واحدة من الصلاتين المجموعتين في وقتها، وهذا ليس برخصة، بل عزيمة، فأي فائدة إذن في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لئلا تحرج أمتي" مع كون الأحاديث المعينة للأوقات تشمل الجمع الصوري، وهل حمل الجمع على ما شملته أحاديث التوقيت إلا من باب الاطراح لفائدته وإلغاء مضمونه.
فالجواب: هو ما أجاب به العلامة الشوكاني -رحمه الله- أيضا: وهو أنه لا شك أن الأقوال الصادرة منه - صلى الله عليه وسلم -، في أحاديث توقيت الصلوات شاملة للجمع الصوري كما ذكره المعترض، فلا يصح أن يكون رفع الحرج منسوبا إليها، بل هو منسوب إلى الأفعال، ليس إلا، لما عرفناك من أنه - صلى الله عليه وسلم - ما صلى صلاة لآخر وقتها مرتين، فربما ظن ظان أن فعل الصلاة في أول وقتها متحتم لملازمته - صلى الله عليه وسلم - لذلك طول عمره، فكان في جمعه جمعا صوريا تخفيف وتسهيل على من اقتدى بمجرد الفعل، وقد كان اقتداء