ولم يقل بنقض الوضوء به من الأئمة إلا الشافعي رحمه الله.
ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام أنه لا يتأتى من أحد أئمة المسلمين أن يخالف نصًّا صريحًا من كتاب أو سنة، بدون أن تكون لديه شبهة معارضة بنص آخر، أو عدم بلوغ النص إليه، أو عدم صحته عنده، أو غير ذلك مما هو معروف في هذا المقام.
وإنما أوردنا هذين المثالين تتمة للبحث ولمجرد المثال.
التنبيه التاسع
اعلم أن كل من يرى أنه لا بد له من تقليد الإمام في كل شيء، بدعوى أنه لا يقدر على الاستدلال بكتاب ولا سنة، ولا قول أحد من الصحابة ولا التابعين، ولا أحد غير ذلك الإمام، يجب عليه أن يتنبه تنبهًا تامًّا للفرق بين أقوال ذلك الإمام التي قالها حقًّا، وبين ما ألحق بعده على قواعد مذهبه، وما زاده المتأخرون وقتًا بعد وقت من أنواع الاستحسان التي لا أساس لها في كتاب الله ولا في سنة رسول - صلى الله عليه وسلم - .
ولو علم الإمام بإلحاقهم بمذهبه، لتبرأ منها، وأنكر على ملحقها، فنسبة جميع ذلك للإِمام من الباطل الواضح.
ويزيده بطلانًا نسبته إلى الله ورسوله، بدعوى أنه شرع ذلك على لسان رسوله، ونحو هذا كثير في المختصرات في المذاهب وكتب المتأخرين منهم.
ومن أمثلته في مذهب مالك: قول خليل المالكي في مختصره الذي قال فيه مبينًا لما به الفتوى: كأقل الطهر، يعني أن أقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يومًا.