للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلام الذي ذكره الحطاب عن زروق وابن عباد وابن عاشر، أنه هو مذهب مالك وأنه من شرع الله ودينه، وأنه ما دام من مذهب مالك فاللازم تقديمه على الكتاب والسنة؛ لأنهما لا يجوز العمل بهما إلا للمجتهد المطلق.

وهذا مثال من بلايا التقليد الأعمى وعظائمه.

ولا يخفى أن ادعاء أن وجود نعم الله كمولد النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على استقباح طاعة الله بالصوم في أوقات وجود تلك النعم، ظاهر الفساد؛ لأن المناسب لنعم الله هو طاعته بأنواع الطاعات كالصوم.

ولذا تجد الناس ينذرون لله صوم اليوم الذي ينعم الله عليهم فيه بشفاء المريض أو إتيان الغائب، وهذا أمر معروف، وهو المعقول لا عكسه.

ومما يوضح هذا أن إنزال القرآن العظيم هو أعظم نعمة على البشر.

ولأجل ذلك علمهم الله حمده تعالى على هذه النعمة العظمى في أول سورة الكهف في قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} الآية.

وقد بين تعالى أنه أنزل هذه النعمة في شهر رمضان، فكان نزول هذه النعمة في شهر رمضان مقتضيًا لصومه، لا لجعل أيامه أعيادًا يستقبح صومها؛ لأن الله تعالى قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}.

وهذا هو أعظم النعم، وقد رتب على هذا بالفاء قوله بعده: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} الآية، فافهم.