لأن الحق هو ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - من الكتاب والسنة، كما قال تعالى في سورة النساء:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ}، وقال في الأنعام:{وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ}، وقال في النمل:{فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ}، وقال في يونس:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ}، والآيات بمثل ذلك كثيرة.
فدعوى أن الأرض لم يبق فيها مجتهد البتة، وأن ذلك مستمر إلى ظهور المهدي المنتظر، مناقضة لهذا الحديث الثابت ثبوتًا لا مطعن فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ومما لا نزاع فيه أن كل ما يناقض الحق فهو ضلال؛ لأن الله جل وعلا يقول: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٣٢)}. والعلم عند الله تعالى.
التنبيه الحادي عشر
اعلم يا أخي أن هذا الإِعراض عن كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، واعتقاد الاستغناء عنهما بالمذاهب المدونة الذي عم جُلَّ مَنْ في المعمورة من المسلمين، من أعظم الماسي والمصائب والدواهي التي دهت المسلمين من مدة قرون عديدة.
ولا شك أن النتائج الوخيمة الناشئة عن الإِعراض عن الكتاب والسنة من جملتها ما عليه المسلمون في واقعهم الآن من تحكيم القوانين الوضعية المنافي لأصل الإِسلام.
لأن الكفار إنما اجتاحوهم بفصلهم عن دينهم، بالغزو الفكري، عن طريق الثقافة وإدخال الشبه والشكوك في دين الإِسلام.