الظاهر أن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى، قوم كفروا بعد إيمانهم.
وقال بعض العلماء: هم اليهود الذين كانوا يؤمنون بنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلما بعث وتحققوا أنه هو النبي الموصوف في كتبهم كفروا به.
وعلى هذا القول فارتدادهم على أدبارهم هو كفرهم به بعد أن عرفوه وتيقنوه، وعلى هذا فالهدى الذي تبين لهم هو صحة نبوته - صلى الله عليه وسلم - ومعرفته بالعلامات الموجودة في كتبهم.
وعلى هذا القول فهذه الآية يوضحها قوله تعالى في سورة البقرة: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٨٩)} لأن قوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا} مبين معنى قوله: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى}، وقوله:{كَفَرُوا بِهِ} مبين معنى قوله: {ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ}.
وقال بعض العلماء: نزلت الآية المذكورة في المنافقين.
وقد بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن سبب ارتداد هؤلاء القوم من بعد ما تبين لهم الهدى، هو إغواء الشيطان لهم، كما قال تعالى مشيرًا إلى علة ذلك:{الشَّيطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ} أي زين لهم الكفر