النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا في أول الإِسلام في قلة وضعف، ثم لم يزالوا يكثرون ويزدادون قوة حتى بلغوا ما بلغوا.
وقوله تعالى:{كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} أي فراخه فنبت في جوانبه. وقوله {فَآزَرَهُ} على قراءة الجمهور من المؤازرة، بمعنى المعاونة والتقوية، وقال بعض العلماء:{فَآزَرَهُ} هو أي ساواه في الطول.
وبكل واحد من المعنيين فسر قول امرئ القيس:
بمحنيَّةٍ قد آزر الضَّالُ نبتها ... مجرَّ جيوشٍ غانمين وخُيَّبِ
وأما على قراءة ابن ذكوان (فأزره) بلا ألف، فالمعنى شد أزره، أي قوَّاه. ومنه قوله تعالى عن موسى: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} الآية.
وقوله:{فَاسْتَغلَظَ} أي صار ذلك الزرع غليظًا بعد أن كان رقيقًا، وقوله:{فَاسْتَوَى} أي استتم وكامل (على سوقه) أي على قصبه.
وما تضمنته الآية الكريمة من المثل المذكور في الإِنجيل المضروب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بأنهم يكونون في مبدأ أمرهم في قلة وضعف، ثم بعد ذلك يكثرون ويقوون، جاء موضحًا في آيات من كتاب الله تعالى، كقوله:{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ} الآية، وقوله تعالى:{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}، وقوله تعالى:{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} الآية. إلى غير ذلك من الآيات.