وصححوا وصل معنعن وسلم ... من دلسة راويه واللقا علم
وبعضهم حكى بذا إجماعا ... ومسلم لم يشترط اجتماعا
لكن تعاصر ... إلخ.
وبالجملة فلا يخفى إجماع المسلمين على صحة أحاديث مسلم مع أنه لا يشترط إلا المعاصرة، وبه تعلم أن قول ابن حزم ومن وافقه: إنه لا تعرف رواية يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل لا تقدح في حديثه؛ لما علمت من أن العنعنة من غير المدلس لها حكم التحديث، ويزيد بن أبي حبيب مات سنة ثمان وعشرين بعد المائة، وقد قارب الثمانين.
وأبو الطفيل ولد عام أحد، ومات سنة عشرين ومائة على الصحيح، وبه تعلم أنه لا شك في معاصرتهما واجتماعهما في قيد الحياة زمنا طويلا، ولا غرو في حكم ابن حزم على رواية يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل بأنها باطلة، فإنه قد ارتكب أشد من ذلك في حكمه على الحديث الثابت في صحيح البخاري "ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف" بأنه غير متصل، ولا يحتج به بسبب أن البخاري قال في أول الإسناد: قال هشام بن عمار. ومعلوم أن هشام بن عمار من شيوخ البخاري، وأن البخاري بعيد جدا من التدليس، وإلى رد هذا على ابن حزم أشار العراقي في ألفيته بقوله:
وإن يكن أول الاسناد حذف ... مع صيغة الجزم فتعليقا عرف