فهذه المذكورات أيضًا، التي هي جعل الأرض قرارًا، وجعل الأنهار خلالها، وجعل الجبال الرواسي فيها، وجعل الحاجز بين البحرين، من خصائص ربوبيته جل وعلا، ولذا قال بعد ذكرها:(أإله مع الله)؟ الجواب: لا.
فالاعتراف لله جل وعلا بأن خلق السماوات والأرض وإنزال الماء وإنبات النبات ونحو ذلك مما ذكر في الآيات من خصائص ربوبيته جل وعلا هو الحق، وهو من طاعة الله ورسوله، ومن تعظيم الله وتعظيم رسوله بالاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - في تعظيم الله.
ثم قال تعالى - وهو محل الشاهد - : {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢)}.
فهذه المذكورات التي هي إجابة المضطر إذا دعا، وكشف السوء، وجعل الناس خلفاء في الأرض، من خصائص ربوبيته جل وعلا، ولذا قال بعدها:(أإله مع الله قليلًا ما تذكرون).
فتأمل قوله تعالى:{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} مع قوله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} تعلم أن إجابة المضطرين إذا التجؤوا ودعوا، وكشف السوء عن المكروبين، لا فرق في كونه من خصائص الربوبية بينه وبين خلق السماوات والأرض، وإنزال الماء وإنبات النبات، ونصب الجبال وإجراء الأنهار؛ لأنه جل وعلا ذكر الجميع بنسق واحد في سياق واحد، وأتبع جميعه بقوله:{أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ}.
فمن صرف شيئًا من ذلك غير الله توجه إليه الإِنكار السماوي