وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لَيسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (٢)} فيه أوجه من التفسير معروفة عند العلماء كلها حق، وبعضها يشهد له قرآن.
الوجه الأول: أن قوله: (كاذبة) مصدر جاء بصفة اسم الفاعل، فالكاذبة بمعنى الكذب، كالعافية بمعنى المعافاة، والعاقبة بمعنى العقبى، ومنه قوله تعالى عند جماعات من العلماء: {لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (١١)}، قالوا: معناه لا تسمع فيها لغوًا. وعلى هذا القول، فالمعنى: ليس لقيام القيامة كذب ولا تخلُّف، بل هو أمر واقع يقينًا لا محالة.
ومن هذا المعنى قولهم: حمل الفارس على قرنه فما كذب، أي ما تأخر ولا تخلف ولا جبن.
ومنه قول زهير:
ليث بِعَثَّرَ يصطاد الرجال إذا ... ما كذب الليث عن أقرانه صدقا
وهذا المعنى قد دلت عليه آيات كثيرة من كتاب الله، كقوله تعالى:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ} الآية، وقوله تعالى:{وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيبَ فِيهَا}، وقوله تعالى:{رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيبَ فِيهِ}، وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة الشورى في الكلام على قوله تعالى:{وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيبَ فِيهِ}.
الوجه الثاني: أن اللام في قوله: (لوقعتها) ظرفية، و (كاذبة)