وقال بعض العلماء: تقديره: خافضة أقوامًا كانوا مرتفعين في الدنيا، رافعة أقوامًا كانوا منخفضين في الدنيا. وهذا المعنى تشهد له آيات من كتاب الله تعالى، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (٢٩) وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (٣٠)} إلى قوله: {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (٣٤) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٣٥)}، إلى غير ذلك من الآيات.
وقال بعض العلماء: تقديره: خافضة بعض الأجرام التي كانت مرتفعة، كالنجوم التي تسقط وتتناثر يوم القيامة، وذلك خفض لها بعد أن كانت مرتفعة، كما قال تعالى: {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (٢)}، وقال تعالى: {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢)}. رافعة: أي رافعة بعض الأجرام التي كانت منخفضة، كالجبال التي ترفع من أماكنها وتسير بين السماء والأرض، كما قال تعالى:{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَال وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً}، فقوله:{وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً}؛ لأنها لم يبق على ظهرها شيء من الجبال، وقال تعالى:{وَتَرَى الْجِبَال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ}.
وقد قدمنا أن التحقيق الذي دل عليه القرآن، أن ذلك يوم القيامة، وأنها تسير بين السماء والأرض كسير السحاب الذي هو المزن.
وقد صرح تعالى بأن الجبال تحمل هي والأرض أيضًا يوم القيامة، وذلك في قوله: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} الآية.
وعلى هذا القول، فالمراد تعظيم شأن يوم القيامة، وأنه يختل فيه نظام العالم، وعلى القولين الأولين، فالمراد الترغيب والترهيب، ليخاف الناس في الدنيا من أسباب الخفض في الآخرة فيطيعوا الله