وقوله: {أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧)} قرأه عامة القراء السبعة، غير ابن عامر وقالون عن نافعٍ:(أوَآباؤنا) بفتح الواو على الاستفهام والعطف. وقد قدمنا مرارا أن همزة الاستفهام إذا جاءت بعدها أداة عطف كالواو والفاء وثم نحو:(أو آباؤنا)، (أفأمن أهل القرى)، (أثم إذا ما وقع)، أن في ذلك وجهين لعلماء العربية والمفسرين:
الأول منهما: أن أداة العطف عاطفة للجملة المصدرة بالاستفهام على ما قبلها، وهمزة الاستفهام متأخرة رتبة عن حرف العطف، ولكنها قدمت عليه لفظًا لا معنى، لأن الأصل في الاستفهام التصدير به كما هو معلوم في محله.
والمعنى على هذا واضح، وهو أنهم أنكروا بعثهم أنفسهم بأداة الإِنكار التي هي الهمزة، وعطفوا على ذلك بالواو إنكارهم بعث آبائهم الأولين بأداة الإِنكار التي هي الهمزة المقدمة عن محلها لفظًا لا رتبة.
وهذا القول هو قول الأقدمين من علماء العربية، واختاره أبو حيان في البحر المحيط وابن هشام في مغنى اللبيب، وهو الذي صرنا نميل إليه أخيرًا بعد أن كنا نميل إلى غيره.
الوجه الثاني: هو أن همزة الاستفهام في محلها الأصلي، وأنها متعلقة بجملة محذوفة، والجملة المصدرة بالاستفهام معطوفة على المحذوفة بحرف العطف الذي بعد الهمزة، وهذا الوجه يميل إليه الزمخشري في أكثر المواضع من كشافه، وربما مال إلى غيره.
وعلى هذا القول، فالتقدير: أمبعوثون نحن وآباؤنا الأولون؟
وما ذكره الزمخشري هنا من أن قوله:(وآباؤنا)، معطوف على