للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠) فقوله في آخر يس: {تُوقِدُونَ (٨٠) معنى قوله في الواقعة: {تُورُونَ (٧١)} وقوله في آية يس: {جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} بعد قوله: {يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} دليل واضح على أن خلق النار من أدلة البعث.

وقوله هنا: {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا} أي الشجرة التي توقد منها كالمرخ والعفار، ومن أمثال العرب: "في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار"؛ لأن المرخ والعفار هما أكثر الشجر نصيبًا في استخراج النار منهما، يأخذون قضيبًا من المرخ ويحكّون له عودًا من العفار فتخرج من بينهما النار. ويقال: كل شجر فيه نار إلا العناب.

وقوله: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً} أي نذكر الناس بها في دار الدنيا إذا أحسوا شدة حرارتها نار الآخرة التي هي أشد منها حرًّا، لينزجروا عن الأعمال المقتضية لدخول النار، وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أن حرارة نار الآخرة مضاعفة على حرارة نار الدنيا سبعين مرة. فهي تفوقها بتسع وستين ضعفًا كل واحد منها مثل حرارة نار الدنيا.

وقوله تعالى: {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوينَ (٧٣)} أي منفعة للنازلين بالقواء من الأرض، وهو الخلاء والفلاة التي ليس بها أحد، وهم المسافرون؛ لأنهم ينتفعون بالنار انتفاعًا عظيمًا في الاستدفاء بها والاستضاءة وإصلاح الزاد.

وقد تقرر في الأصول أن من موانع اعتبار مفهوم المخالفة كون اللفظ واردًا للامتنان. وبه تعلم أنه لا يعتبر مفهومًا للمقوين؛ لأنه جيء به للامتنان، أي وهي متاع أيضًا غير المقوين من الحاضرين بالعمران.