للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين هنا فيما ذكر عن الشيطان كيفية اتخاذه لهذا النصيب المفروض بقوله: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} والمراد بتبتيك آذان الأنعام شق أذن البحيرة مثلا وقطعها ليكون ذلك سمة وعلامة، لكونها بحيرة أو سائبة كما قاله قتادة والسدي وغيرهما، وقد أبطله تعالى بقوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} الآية. والمراد ببحرها شق أذنها كما ذكرنا والتبتيك في اللغة: التقطيع، ومنه قول زهير:

حتى إذا ما هوت كف الوليد لها ... طارت وفي كفه من ريشها بتك

أي: قطع. كما بين كيفية اتخاذه لهذا النصيب المفروض في آيات أخر، كقوله: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)} وقوله: {قَال أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ} الآية. ولم يبين هنا هل هذا الظن الذي ظنه إبليس ببني آدم أنه يتخذ منهم نصيبا مفروضا وأنه يضلهم تحقق لإبليس أو لا، ولكنه بين في آية أخرى أن ظنه هذا تحقق له، وهي قوله: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} الآية. ولم يبين هنا الفريق السالم من كونه من نصيب إبليس، ولكنه بينه في مواضع أخر كقوله: {لَأُغْويَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)} وقوله: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)} إلى غير ذلك من الآيات، ولم يبين هنا هل نصيب إبليس هذا هو الأكثر، أو لا؟ ولكنه بين في مواضع أخر أنه هو الأكثر كقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ} وقوله: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ