للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {وَارْتَبْتُمْ} أي شككتم في دين الإِسلام، وشكهم المذكور هنا وكفرهم بسببه بينه الله تعالى في قوله عنهم: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)}.

وقوله تعالى: {وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} الأماني جمع أمنية، وهي ما يمنون به أنفسهم من الباطل، كزعمهم أنهم مصلحون في نفاقهم، وأن المؤمنين حقًّا سفهاء في صدقهم، أي في إيمانهم، كما بين تعالى ذلك في قوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (١١) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ} الآية، وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} الآية.

وما تضمنته هذه الآية الكريمة، من كون الأماني المذكورة من الغرور الذي اغتروا به، جاء موضحًا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى {لَيسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} إلى قوله: {وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (١٢٤)}.

وقوله: {حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ} الأظهر أنه الموت؛ لأنه ينقطع به العمل.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (١٤)} هو الشيطان، وعبر عنه بصيغة المبالغة، التي هي الفعول، لكثرة غروره لبني آدم، كما قال تعالى: {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيطَانُ إلا غُرُورًا {(٦٤)}.

وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة، من أن الشيطان الكثيرَ الغرور غرهم بالله، جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى