وتفسير بعض العلماء لهذه الآية بأن المراد بها خصاء الدواب يدل على عدم جوازه؛ لأنه مسوق في معرض الذم، واتباع تشريع الشيطان، أما خصاء بني آدم فهو حرام إجماعا؛ لأنه مثلة وتعذيب وقطع عضو، وقطع نسل من غير موجب شرعي، ولا يخفى أن ذلك حرام.
وأما خصاء البهائم فرخص فيه جماعة من أهل العلم إذا قصدت به المنفعة إما لسمن أو غيره، وجمهور العلماء على أنه لا بأس أن يضحى بالخصي، واستحسنه بعضهم إذا كان أسمن من غيره، ورخص في خصاء الخيل عمر بن عبد العزيز، وخصى عروة بن الزبير بغلا له، ورخص مالك في خصاء ذكور الغنم، وإنما جاز ذلك؛ لأنه لا يقصد به التقرب إلى غير الله، وإنما يقصد به تطييب لحم ما يؤكل وتقوية الذكر إذ انقطع أمله عن الأنثى، ومنهم من كره ذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون". قاله القرطبي، واختاره ابن المنذر قال: لأن ذلك ثابت عن ابن عمر وكان يقول هو: نماء خلق الله. وكره ذلك عبد الملك بن مروان.
وقال الأوزاعي: كانوا يكرهون خصاء كل شيء له نسل. وقال ابن المنذر: وفيه حديثان.
أحدهما: عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن خصاء الغنم والبقر والإبل والخيل".
والآخر: حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن صبر الروح وخصاء البهائم".
والذي في الموطأ من هذا الباب ما ذكره عن نافع عن ابن