عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن الله قد أعطاني لأمتي ذلك حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا".
ويدل لهذا الوجه آيات كثيرة كقوله:{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية. وقوله: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (٤٧)}، وقوله:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً} إلى غير ذلك من الآيات.
ومنها: أن المعنى أنه لا يجعل لهم سبيلا إلا أن يتواصوا بالباطل، ولا يتناهوا عن المنكر، ويتقاعدوا عن التوبة، فيكون تسليط العدو عليهم من قبلهم، كما قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}.
قال ابن العربي: وهذا نفيس جدا، وهو راجع في المعنى الأول؛ لأنهم منصورون لو أطاعوا، والبلية جاءتهم من قبل أنفسهم في الأمرين.
ومنها: أنه لا يجعل لهم عليهم سبيلا شرعا، فإن وجد فهو بخلاف الشرع.
ومنها: أن المراد بالسبيل الحجة، أي: ولن يجعل لهم عليه حجة، ويبينه قوله تعالى: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣)} وأخذ بعض العلماء من هذه الآية الكريمة منع دوام ملك الكافر للعبد المسلم والعلم عند الله تعالى.