تعلم أن وجه الخفض في قراءة حمزة، والكسائي هو المجاورة للمخفوض، كما ذكرنا، خلافاً لمن قال في قراءة الجر: إن العطف على أكواب، أي يطاف عليهم بأكواب، وبحور عين، ولمن قال: إنه معطوف على جنات النعيم، أي هم في جنات النعيم، وفي حور على تقدير حذف مضاف أي في معاشرة حور.
ولا يخفى ما في هذين الوجهين؛ لأن الأول يرد بأن الحور العين لا يطاف بهن مع الشراب، لقوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢)}.
والثاني فيه أن كونهم في جنات النعيم، وفي "حور" ظاهر السقوط كما ترى، وتقدير ما لا دليل عليه لا وجه له.
وأجيب عن الأول بجوابين:
الأول: أن العطف فيه بحسب المعنى؛ لأن المعنى: يتنعمون بأكواب وفاكهة ولحم وحور. قاله الزجاج وغيره.
الجواب الثاني: أن الحور قسمان:
١: - حور مقصورات في الخيام.
٢: - وحور يطاف بهن عليهم، قاله الفخر الرازي وغيره. وهو تقسيم لا دليل عليه، ولا يعرف من صفات الحور العين كونهن يطاف بهن كالشراب، فأظهرها الخفض بالمجاورة، كما ذكرنا.
وكلام الفراء وقطرب يدل عليه، وما رد به القول بالعطف