وقوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢)} على قراءة من قرأ بخفض "مَحْفُوظٍ" كما قاله القرطبي.
ومن كلام العرب "هذا جحر ضب خرب" بخفض خرب؛ لمجاورة المخفوض مع أنه نعت خبر المبتدأ؛ وبهذا تعلم أن دعوى كون الخفض بالمجاورة لحناً لا يتحمل إلا لضرورة الشعر باطلة. والجواب عما ذكروه من أنه لا يجوز إلا عند أمن اللبس هو أن اللبس هنا يزيله التحديد بالكعبين، إذ لم يرد تحديد الممسوح وتزيله قراءة النصب، كما ذكرنا. فإن قيل: قراءة الجر الدالة على مسح الرجلين في الوضوء هي المبينة لقراءة النصب بأن تجعل قراءة النصب عطفاً على المحل؛ لأن الرءوس مجرورة بالباء في محل نصب، على حد قول ابن مالك في الخلاصة:
وجر ما يتبع ما جر ومن ... راعى في الاتباع المحل فحسن
وابن مالك وإن كان أورد هذا في "إعمال المصدر" فحكمه عام، أي: وكذلك الفعل والوصف، كما أشار له في الوصف بقوله:
واجرر أو انصب تابع الذي انخفض ... كمبتغي جاه ومالًا من نهض
فالجواب أن بيان قراءة النصب بقراءة الجر -كما ذكر- تأباه السنة الصريحة الصحيحة الناطقة بخلافه، وبتوعد مرتكبه بالويل من النار، بخلاف بيان قراءة الخفض بقراءة النصب، فهو موافق لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه قولاً وفعلاً. فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: تخلف