فحديث أنس في عدم التوقيت صحيح؛ ويعتضد بحديث خزيمة الذي فيه الزيادة، وحديث ميمونة، وحديث أبي بن عمارة، وبالآثار الموقوفة على عمر، وابنه، وعقبة بن عامر، رضي الله عنهم.
تنبيه
الذي يظهر لي -والله تعالى أعلم- أنه لا يمكن الجمع في هذه الأحاديث بحمل المطلق على المقيد؛ لأن المطلق هنا فيه التصريح بجواز المسح أكثر من ثلاث للمسافر، والمقيم، والمقيد فيه التصريح بمنع الزائد على الثلاث للمسافر، واليوم والليلة للمقيم؛ فهما متعارضان في ذلك الزائد، فالمطلق يصرح بجوازه، والمقيد يصرح بمنعه، فيجب الترجيح بين الأدلة، فترجح أدلة التوقيت بأنها أحوط، كما رجحها بذلك ابن عبد البر، وبأن رواتها من الصحابة أكثر، وبأن منها ما هو ثابت في صحيح مسلم، وهو حديث علي رضي الله عنه المتقدم.
وقد ترجح أدلة عدم التوقيت بأنها تضمنت زيادة، وزيادة العدل مقبولة، وبأن القائل بها مثبت أمراً، والمانع منها ناف له، والمثبت أولى من النافي.
قال مقيده -عفا الله عنه-: والنفس إلى ترجيح التوقيت أميل؛ لأن الخروج من الخلاف أحوط كما قال بعض العلماء:
وإن الأورع الذي يخرج من ... خلافهم ولو ضعيفاً فاستبن