من قتل نفساً بنفس، أو بفساد في الأرض، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر، فبين أن قتل النفس بالنفس جائز، في قوله:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية، وفي قوله:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}، وقوله:{وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً} الآية.
واعلم أن آيات القصاص في النفس فيها إجمال بينته السنة، وحاصل تحرير المقام فيها أن الذكر الحر المسلم يقتل بالذكر الحر المسلم إجماعاً، وأن المرأة كذلك تقتل بالمرأة كذلك إجماعاً، وأن العبد يقتل كذلك بالعبد إجماعاً، وإنما لم نعتبر قول عطاء باشتراط تساوي قيمة العبدين، وهو رواية عن أحمد، ولا قول ابن عباس: ليس بين العبيد قصاص؛ لأنهم أموال.
لأن ذلك كله يرده صريح قوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} الآية، وأن المرأة تقتل بالرجل؛ لأنها إذا قتلت بالمرأة فقتلها بالرجل أولى، وأن الرجل يقتل بالمرأة عند جمهور العلماء فيهما.
وروي عن جماعة منهم علي، والحسن، وعثمان البتي، وأحمد في رواية عنه أنه لا يقتل بها حتى يلتزم أولياؤها قدر ما تزيد به ديته على ديتها؛ فإن لم يلتزموه أخذوا ديتها.
وروي عن علي والحسن أنها إن قتلت رجلاً قتلت به، وأخذ أولياؤه أيضاً في زيادة ديته على ديتها، أو أخذوا دية المقتول واستحيوها.
قال القرطبي بعد أن ذكر هذا الكلام عن علي رضي الله عنه،