للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

به هنا أشير إليه في موضعين:

أحدهما: قوله هنا: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، لأن قوله: "فأتوا" أمر منه تعالى بالإتيان، وقوله: "حرثكم" يعين محل الإتيان، وأنه في محل حرث الأولاد، وهو القبل، دون الدبر فاتضح أن محل الإتيان المأمور به المحال عليه هو محل بذر الأولاد، ومعلوم أنه القبل، وسترى إن شاء الله تحقيق تحريم الإتيان في الدبر في سورة البقرة.

الثاني: قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} فقوله تعالى: {بَاشِرُوهُنَّ} أي جامعوهن، والمراد بما كتب الله لكم الولد على التحقيق وهو قول الجمهور، وعليه فالمعنى: جامعوهن وابتغوا ما كتب الله لكم، أي ولتكن تلك المجامعة في محل ابتغاء الولد، ومعلوم أنه القبل دون غيره، وسترى إيضاحه إن شاء الله تعالى في محله.

ومن أنواع البيان المذكورة فيه أن يذكر شيء له أوصاف مذكورة في مواضع أخر، فإنا نبين أوصافه المذكورة في تلك المواضع كقوله تعالى: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (٥٧)} فإنا نبين صفات ظل أهل الجنة المذكورة في غير هذا الموضع كقوله: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} وقوله: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠)} ونحو ذلك.

ومنها أيضًا: أن يذكر وصف الشيء، ثم يذكر نقيض ذلك الوصف لضد ذلك الشيء، كقوله في ظل أهل النار {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (٣٠) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (٣١)} مع ذكر أوصاف ظل أهل الجنة كما قدمنا.