للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين شيئين، وهما المحاربة، والسعي في الأرض بالفساد، ولم يخص شريفاً من وضيع، ولا رفيعاً من دنيء، اهـ من القرطبي.

قال مقيده - عفا الله عنه -: ومما يدل على عدم اعتبار المكافأة في قتل الحرابة إجماع العلماء على أن عفو ولي المقتول في الحرابة لغو لا أثر له، وعلى الحاكم قتل المحارب القاتل، فهو دليل على أنها ليست مسألة قصاص خالص، بل هناك تغليظ زائد من جهة المحاربة.

المسألة الثالثة: إذا حمل المحاربون على قافلة مثلاً، فقتل بعضهم بعض القافلة، وبعض المحاربين لم يباشر قتل أحد، فهل يقتل الجميع، أو لا يقتل إلا من باشر القتل، فيه خلاف. والتحقيق قتل الجميع؛ لأن المحاربة مبنية على حصول المنعة والمعاضدة والمناصرة، فلا يتمكن المباشر من فعله إلا بقوة الآخر الذي هو ردء له ومعين على حرابته. ولو قتل بعضهم، وأخذ بعضهم المال جاز قتلهم، وصلبهم كلهم؛ لأنهم شركاء في كل ذلك، وخالف في هذا الشافعي رحمه الله فقال: لا يجب الحد إلا على من ارتكب المعصية، ولا يتعلق بمن أعانه عليها كسائر الحدود، وإنما عليه التعزير.

المسألة الرابعة: إذا كان في المحاربين صبي، أو مجنون، أو أب المقطوع عليه، فهل يسقط الحد عن كلهم؟ ويصير القتل للأولياء إن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا عفوا نظراً إلى أن حكم الجميع واحد، فالشبهة في فعل واحد شبهة في الجميع، وهو قول أبي حنيفة، أو لا يسقط الحد غير المذكور من صبي، أو مجنون، أو