للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرها أنها نزلت في قوم "عرينة" و"عكل" الذين قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجتووا المدينة، فأمر لهم - صلى الله عليه وسلم - بلقاح، وأمرهم أن يشربوا من أبوالها، وألبانها فانطلقوا، فلما صحوا وسمنوا، قتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستاقوا اللقاح، فبلغه - صلى الله عليه وسلم - خبرهم، فأرسل في أثرهم سرية فجاءوا بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم، وسملت أعينهم، وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا.

وعلى هذا القول فهي نازلة في قوم سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، هذه هي أقوال العلماء في سبب نزولها. والذي يدل عليه ظاهر القرآن أنها في قطاع الطريق من المسلمين كما قاله جماعة من الفقهاء، بدليل قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} الآية، فإنها ليست في الكافرين قطعاً؛ لأن الكافر تقبل توبته بعد القدرة عليه كما تقبل قبلها إجماعاً؛ لقوله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} وليست في المرتدين؛ لأن المرتد يقتل بردته وكفره ولا يقطع؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - عاطفاً على ما يوجب القتل: "والتارك لدينه المفارق للجماعة" وقوله: "من بدل دينه فاقتلوه" فيتعين أنها في المحاربين من المسلمين. فإن قيل: وهل، يصح أن يطلق على المسلم أنه محارب لله ورسوله؟ فالجواب: نعم، والدليل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}.

تنبيه

استشكل بعض العلماء تمثيله - صلى الله عليه وسلم - بالعرنيين؛ لأنه سمل