للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: الكفارة، وهي جائزة قبل الحنث وبعده على التحقيق.

الثالث: الاستثناء بنحو إن شاء الله. والتحقيق أنه حل لليمين، لا بدل من الكفارة، كما زعمه ابن الماجشون. ويشترط فيه قصد التلفظ به، والاتصال باليمين، فلا يقبل الفصل بغير ضروري كالسعال، والعطاس، وما ذهب إليه ابن عباس وغيره من جواز تراخي الاستثناء فالتحقيق فيه أن المراد به أن العبد يلزمه إذا قال: "لأفعلن كذا" أن يقول: إن شاء الله، كما صرح به تعالى في قوله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فإن نسي الاستثناء بإن شاء، وتذكره ولو بعد فصل، فإنه يقول: إن شاء الله؛ ليخرج بذلك من عهدة عدم تفويض الأمور إلى الله، وتعليقها بمشيئته، لا من حيث إنه يحل اليمين التي مضت وانعقدت.

ويدل لهذا أنه تعالى قال لأيوب: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} ولو كان تدارك الاستثناء ممكناً لقال له: قل: إن شاء الله، ويدل له أيضاً أنه لو كان كذلك لما علم انعقاد يمين، لإمكان أن يلحقها الاستثناء المتأخر.

واعلم أن الاستثناء بإن شاء الله يفيد في الحلف بالله إجماعاً، واختلف العلماء في غيره كالحلف بالطلاق والظهار والعتق، كأن يقول: إن دخلت الدار فأنت طالق إن شاء الله، أو أنت علي كظهر أمي إن شاء الله، أو أنت حرة إن شاء الله، فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يفيد في شيء من ذلك؛ لأن هذه ليست أيماناً، وإنما هي تعليقات للعتق والظهار والطلاق؛ والاستثناء بالمشيئة إنما ورد به الشرع في اليمين، دون التعليق، وهذا مذهب مالك وأصحابه، وبه