عليه بالجزاء في كل مرة، في قول جمهور العلماء، منهم مالك، والشافعي، وأبو حنيفة وغيرهم. وهو ظاهر قوله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً} الآية؛ لأن تكرار القتل يقتضي تكرار الجزاء، وقال بعض العلماء: لا يحكم عليه بالجزاء إلا مرة واحدة؛ فإن عاد لقتله مرة ثانية لم يحكم عليه، وقيل له: ينتقم الله منك؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} الآية.
ويروى هذا القول عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وإبراهيم، ومجاهد، وشريح، كما نقله عنهم القرطبي، وروي عن ابن عباس أيضاً أنه يضرب حتى يموت.
المسألة السابعة: إذا دل المحرم حلالا على صيد فقتله، فهل يجب على المحرم جزاء لتسببه في قتل الحلال للصيد بدلالته له عليه أو لا؟ اختلف العلماء في ذلك، فذهب الإمام أحمد، وأبو حنيفة إلى أن المحرم الدال يلزمه جزاؤه كاملاً، ويروى نحو ذلك عن علي، وابن عباس، وعطاء، ومجاهد، وبكر المزني، وإسحاق، ويدل لهذا القول سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه:"هل أشار أحد منهم إلى أبي قتادة على الحمار الوحشي"؟ فإن ظاهره أنهم لو دلوه عليه كان بمثابة ما لو صادوه في تحريم الأكل، ويفهم من ذلك لزوم الجزاء، والقاعدة لزوم الضمان للمتسبب إن لم يكن تضمين المباشر، والمباشر هنا لا يمكن تضمينه الصيد؛ لأنه حلال، والدال متسبب. هذا القول هو الأظهر، والذين قالوا به منهم من أطلق الدلالة، ومنهم من اشترط خفاء الصيد بحيث لا يراه دون الدلالة، كأبي حنيفة، وقال الإمام الشافعي وأصحابه: لا شيء على الدال.