للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مالك وأبو حنيفة: على كل واحد منهم جزاء كامل، كما لو قتلت جماعة واحداً، فإنهم يقتلون به جميعاً؛ لأن كل واحد قاتل.

وكذلك هنا كل واحد قاتل صيداً فعليه جزاء، وقال الشافعي ومن وافقه: عليهم جزاء واحد، لقضاء عمر وعبد الرحمن. قاله القرطبي، ثم قال أيضاً: وروى الدارقطني أن موالي لابن الزبير أحرموا، فمرت بهم ضبع، فحذفوها بعصيهم فأصابوها، فوقع في أنفسهم، فأتوا ابن عمر فذكروا له ذلك، فقال: عليكم كلكم كبش، قالوا: أو على كل واحد منا كبش، قال: إنكم لمعزز بكم، عليكم كلكم كبش. قال اللغويون: لمعزز بكم، أي: لمشدد عليكم.

وروي عن ابن عباس في قوم أصابوا ضبعاً، فقال: عليهم كبش يتخارجونه بينهم، ودليلنا قول الله سبحانه: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} وهذا خطاب لكل قاتل، وكل واحد من القاتلين الصيد قاتل نفساً على التمام والكمال بدليل قتل الجماعة بالواحد، ولولا ذلك ما وجب عليهم القصاص؛ وقد قلنا بوجوبه إجماعاً منا ومنهم، فثبت ما قلناه.

وقال أبو حنيفة: إذا قتل جماعة صيداً في الحرم، وهم محلون، فعليهم جزاء واحد، بخلاف ما لو قتله المحرمون في الحل أو الحرم فإن ذلك لا يختلف.

وقال مالك: على كل واحد منهم جزاء كامل بناء على أن الرجل يكون محرماً بدخوله الحرم، كما يكون محرماً بتلبيته بالإحرام، وكل واحد من الفعلين قد أكسبه صفة تعلق بها نهي، فهو هاتك لها في الحالتين.