نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبى أن يرده عليهم" رواه مسلم في صحيحه، وأحمد. وما ذكره القرطبي في تفسيره رحمه الله من أن هذا الحكم خاص بسعد رضي الله عنه، مستدلاً بأن قوله: "نفلنيه" أي أعطانيه ظاهر في الخصوص به، دون غيره فيه عندي أمران:
الأول: أن هذا لا يكفي في الدلالة على الخصوص، لأن الأصل استواء الناس في الأحكام الشرعية إلا بدليل، وقوله: "نفلنيه" ليس بدليل، لاحتمال أنه نفل كل من وجد قاطع شجر، أو قاتل صيد بالمدينة ثيابه، كما نفل سعداً. وهذا هو الظاهر.
الثاني: أن سعداً نفسه روي عنه تعميم الحكم، وشموله لغيره، فقد روى الإمام أحمد وأبو داود عن سليمان بن أبي عبد الله قال: "رأيت سعد ابن أبي وقاص أخذ رجلاً يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلبه ثيابه فجاء مواليه، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم هذا الحرم، وقال: من رأيتموه يصيد فيه شيئاً فلكم سلبه، فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن إن شئتم أن أعطيكم ثمنه أعطيتكم" وفي لفظ "من أخذ أحداً يصيد فيه فليسلبه ثيابه" وروى هذا الحديث أيضاً الحاكم وصححه، وهو صريح في العموم، وعدم الخصوص بسعد كما ترى، وفيه تفسير المراد بقوله: "نفلنيه" وأنه عام لكل من وجد أحداً يفعل فيها ذلك.
وتضعيف بعضهم لهذا الحديث بأن في إسناده سليمان بن أبي عبد الله غير مقبول؛ لأن سليمان بن أبي عبد الله مقبول، قال فيه الذهبي: تابعي وثق، وقال فيه ابن حجر في [التقريب]: مقبول.