الأولى: إقامة حجة الله على خلقه، كما قال تعالى:{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}.
الثانية: خروج الآمر من عهدة التكليف بالأمر بالمعروف، كما قال تعالى في صالحي القوم الذين اعتدى بعضهم في السبت:{قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} الآية، وقال تعالى: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤)} فدل على أنه لو لم يخرج من العهدة لكان ملوماً.
الثالثة: رجاء النفع للمأمور كما قال تعالى: {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} وقال تعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (٥٥)} وقد أوضحنا هذا البحث في كتابنا [دفع إيهام الإضطراب عن آيات الكتاب] في سورة الأعلى في الكلام على قوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} ويجب على الإنسان أن يأمر أهله بالمعروف كزوجته وأولاده ونحوهم، وينهاهم عن المنكر: لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} الآية، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته"، الحديث.
المسألة الرابعة: اعلم أن من أعظم أنواع الأمر بالمعروف كلمة حق عند سلطان جائر، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر" أخرجه أبو داود، والترمذي، وقال: حديث حسن.
وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه:"أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد وضع رجله في الغرز: أي الجهاد أفضل؟ قال: كلمة حق عند سلطان جائر" رواه النسائي بإسناد صحيح، كما قاله النووي رحمه الله.