فإنه قال فيه في شرح قول مالك:"ثم يؤدون الزكاة على ما خرص عليهم" ما نصه: "ومبنى التخريص أن يحزر ما في النخل أو العنب من التمر اليابس إذا جذ على حسب جنسه، وما علم من حاله أنه يصير إليه عند الإثمار؛ لأن الزكاة إنما تؤخذ منه تمراً". انتهى محل الغَرَض منه بلفظه.
وقد تقرر عند جماهير العلماء أن لفظة إنما للحصر، وهو الحق، فقول الزرقاني:"لأن الزكاة إنما تؤخذ منه تمراً" معناه حصر أخذ زكاة النخل في خصوص التمر، دون غيره من رطب ونحوه، معللاً بذلك اعتبار النصاب من التمر اليابس؛ لأن الإخراج مما تجب في عينه الزكاة من الثمار والحبوب وهو واضح، ولا يرد على ما ذكرناه أن وقت وجوب الزكاة هو وقت طيب التمر قبل أن يكون يابساً؛ لإجماع العلماء على أنه لا يجب إخراجها بالفعل إلا بعد أن يصير تمراً يابساً؛ ولإجماعهم أيضاً على أنه إن أصابته جائحة اعتبرت، فتسقط زكاة ما أجيح، كما تسقط زكاة الكل إن لم يبق منه نصاب. وسيأتي له زيادة إيضاح.
الدليل الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذها تمراً بعد الجذاذ لا بلحاً ولا رطباً، والله جل وعلا يقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الآية، ويقول:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} الآية، ويقول:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} الآية، ويقول:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
قال البخاري في صحيحه:"باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل" وهل يترك الصبي فيمس الصدقة.