وأيضاً فالآية على تسليم صحة دلالتها المذكورة فهي إنما تدل على ترك الأكل، والترك أعم من أن يكون للتحريم أو للتنزيه، أو خلاف الأولى، وإذا لم يتعين واحد منها بقي التمسك بالأدلة المصرحة بالجواز.
وأيضاً فلو سلمنا أن اللام للتعليل لم نسلم إفادة الحصر في الركوب والزينة، فإنه ينتفع بالخيل في غيرهما، وفي غير الأكل اتفاقاً، وإنما ذكر الركوب والزينة لكونهما أغلب ما تطلب له الخيل.
ونظيره حديث البقرة المذكور في الصحيحين حين خاطبت راكبها فقالت:"إنا لم نخلق لهذا، إنا خلقنا للحرث" فإنه مع كونه أصرح في الحصر لم يقصد به إلا الأغلب، وإلا فهي تؤكل وينتفع بها في أشياء غير الحرث اتفاقاً.
وأيضاً فلو سلم الاستدلال المذكور للزم منع حمل الأثقال على الخيل والبغال والحمير؛ للحصر المزعوم في الركوب والزينة؛ ولا قائل بذلك.
وأما الاستدلال بعطف الحمير والبغال عليها فهو استدلال بدلالة الاقتران، وقد ضعفها أكثر العلماء من أهل الأصول. كما أشار له في [مراقي السعود] بقوله:
أما قران اللفظ في المشهور ... فلا يساوي في سوي المذكور
وأما الاستدلال بأن الآية الكريمة سيقت للامتنان فيجاب عنه بأنه قصد به ما كان الانتفاع به أغلب عند العرب، فخوطبوا بما