أي لا يكن في صدرك ضيق عن تبليغ ما أمرت به؛ لشدة تكذيبهم لك؛ لأن تحمل عداوة الكفار، والتعرض لبطشهم مما يضيق به الصدر، وكذلك تكذيبهم له - صلى الله عليه وسلم - مع وضوح صدقه بالمعجزات الباهرات مما يضيق به الصدر. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة" أخرجه مسلم. والثلغ: الشدخ، وقيل: ضرب الرطب باليابس حتى ينشدخ، وهذا البطش مما يضيق به الصدر.
ويؤيد الوجه الأخير في الآية أن الحرج في لغة العرب الضيق، وذلك معروف في كلامهم، ومنه قوله تعالى:{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} وقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} وقوله: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} أي شديد الضيق، إلى غير ذلك من الآيات، ومنه قول عمر بن أبي ربيعة، أو جميل:
فخرجت خوف يمينها فتبسمت ... فعلمت أن يمينها لم تحرج
وقول العرجي:
عوجي علينا ربة الهودج ... إنك إلا تفعلي تحرجي
والمراد بالإحراج في البيتين: الإدخال في الحرج. بمعنى الضيق كما ذكرنا.