ما اتصف به جل وعلا من تلك الصفات بالغ من غايات الكمال والعلو والشرف ما يقطع علائق جميع أوهام المشابهة بين صفاته جل وعلا، وبين صفات خلقه، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.
فإذا حققت كل ذلك علمت أنه جل وعلا وصف نفسه بالاستواء على العرش، ووصف غيره بالاستواء على بعض المخلوقات، فتمدح جل وعلا في سبع آيات من كتابه باستوائه على عرشه، ولم يذكر صفة الاستواء إلا مقرونة بغيرها من صفات الكمال، والجلال؛ القاضية بعظمته وجلاله جل وعلا، وأنه الرب وحده، المستحق لأن يعبد وحده.
الموضع الأول: بحسب ترتيب المصحف الكريم قوله هنا في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)}.