للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا عرفت أن التحقيق أن الخمس في حياة النَّبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم خمسة أسهم؛ لأن اسم الله ذكر للتعظيم، وافتتاح الكلام به، مع أن كل شيء مملوك له جل وعلا، فاعلم أن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصرف نصيبه الذي هو خمس الخمس في مصالح المسلمين؛ بدليل قوله في الأحاديث التي ذكرناها آنفاً: "والخمس مردود عليكم"، وهو الحق.

ويدل له ما ثبت في الصحيح: من أنه كان يأخذ قوت سنته من فيء بني النضير، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وأما بعد وفاته، وانتقاله إلى الرفيق الأعلى صلوات الله وسلامه عليه، فإن بعض العلماء يقول بسقوط نصيبه بوفاته.

وممن قال بذلك: أبو حنيفة رحمه الله، واختاره ابن جرير.

وزاد أبو حنيفة سقوط سهم ذوي القربى أيضاً بوفاته - صلى الله عليه وسلم -. والصحيح أن نصيبه - صلى الله عليه وسلم - باق، وأن إمام المسلمين يصرفه فيما كان يصرفه فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مصالح المسلمين.

وقال بعض العلماء: يكون نصيبه - صلى الله عليه وسلم - لمن يلي الأمر بعده، وروي عن أبي بكر، وعلي، وقتادة، وجماعة، قال ابن كثير: وجاء فيه حديث مرفوع.

قال مقيده - عفا الله عنه -: والظاهر أن هذا القول راجع في المعنى إلى ما ذكرنا أنه الصحيح، وأن معنى كونه لمن يلي الأمر بعده أنه يصرفه فيما كان يصرفه فيه - صلى الله عليه وسلم -، والنَّبي قال: "والخمس مردود عليكم" وهو واضح كما ترى.