للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- تعظيم أمر الصلاة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقد شمل هذا التعظيم كل الوجوه من حيث المقتدى به في فعل الأمر، وهو الله- سبحانه وتعالى- وكذا ملائكته؛ لقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ، والآمر بالصلاة على النبي هو الله جل في علاه، لقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ، ومن حيث المأمورين بالصلاة عليه، وهم صفوة خلق الله من عباده الذين اتصفوا بصفة الإيمان فلم يتوجه الأمر للناس ولا للمسلمين، بل للمؤمنين، فأحاط الله- سبحانه وتعالى- الأمر بجميع أنواع التعظيم، وذلك ليستقر في نفوس الخلق جميعا، عظيم المأمور به.

٢- جاء الأمر بالصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم بصيغة لم يأت بها أي أمر في القرآن والسنة على شاكلته أبدا، وفي هذا تنويه إلى أن هذا الأمر الشرعي يختلف عن جميع الأوامر الشرعية الآخرى التي تصدرت بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا.

٣- أن توجيه الأمر بالصلاة عليه كان بموجب آية قرآنية تتلى إلى يوم القيامة، ثم تأتي السنة الشريفة لتبين صيغ الصلاة، والأوقات التي يتأكد فيها الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم وثواب تلك الصلاة.

٤- لم يفرد الله- سبحانه وتعالى- أحدا من الأولين والآخرين في القرآن الكريم بالصلاة عليه منفردا كما أفرد نبيه صلّى الله عليه وسلّم في هذه الآية، فقال عز من قائل في السلام على الأنبياء: وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ [الصافات: ١٨١] ، وقال في الصلاة على المؤمنين: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب: ٤٣] ، ولا يخفى أن إفراد الله- سبحانه وتعالى- نبيه بالصلاة عليه، يظهر علوّ شأنه وعظيم قدره صلّى الله عليه وسلّم عند ربه، وأن هذا القدر سبق به الأولين والآخرين، ولم يسبقه إليه أحد، كما لن يلحق به أحد، ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ [المائدة: ٥٤] .

٥- وردت بالآية عدة أمور بلاغية تزيد الأمر تعظيما وتشريفا وهي:

أ- صدر الله- عز وجل- الأمر بحرف التوكيد (إن) لإفادة توكيد الأمر وتثبيته في قلوب المؤمنين.

ب- عبر الله، - عز وجل-، عن نفسه بلفظ الجلالة، فقال: إِنَّ اللَّهَ وهو الاسم الذي لا يشارك الله فيه أحدا أبدا، وكان يمكن أن تأتي بلفظ: (إن ربكم) أو (إنني) ، ولا يخفى وقع قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ على الآذان والقلوب المؤمنة، والذي يختلف عن أي لفظ آخر.

ج- أضاف المولى- سبحانه وتعالى- الملائكة إلى نفسه الشريفة؛ تعظيما لها وتكريما؛

<<  <  ج: ص:  >  >>