٦- جاءت صيغة الأمر الإلهي إلى المؤمنين بالصلاة والسلام على النبي صلّى الله عليه وسلّم على أحسن صورة، يتبين ذلك من:
بدأ الأمر بأداة النداء (يا) لاسترعاء السمع وحضور القلب، ثم أداة التنبيه (ها) في (أيها) لتوكيد استرعاء السمع.
جاءت صفة من وجّه لهم الخطاب، بصيغة الفعل الماضي: آمَنُوا فهذا الأمر غير موجه لكل أحد، بل للمؤمنين الذين استقر في قلوبهم ونفوسهم صفة الإيمان، وتلبسوا بها غاية التلبس وأصبحت صفة ملازمة لهم، وهذا ما يفيده الفعل الماضي: آمَنُوا؛ لذا عدلت الآية عن قول (يا أيها المؤمنون) .
ختمت الآية بالفعل المطلق تَسْلِيماً للتوكيد، وليعلم المؤمنون أن التسليم المأمورين به يجب أن يكون تسليما خاليا من كل أذى، مطهرا من كل سوء.
٧- أطلقت الآية عدة أمور ولم تقيدها تعظيما للأمر، وتلك الأمور هي:
أ- لم تقيد الآية زمان صلاة الله وملائكته على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأعتقد خطأ من قيد تلك الصلاة المباركة بحياة وممات النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه تقييد بدون دليل، وإذا لم تقيّد الصلاة بزمان، علمنا أن صلاة الله وملائكته على نبيه صلّى الله عليه وسلّم، قد استوعبت كل الزمان، وهذا غاية التشريف ومنتهاه للنبي صلّى الله عليه وسلّم.
ب- لما أثبتت الآية أن الصلاة قد وقعت من الملائكة، ولم تحدد نوع الملائكة ولا مكانهم، علمنا أن الأمر قد عمّ جنس الملائكة، جبريل وميكائيل، وملك الموت، وإسرافيل، وحملة العرش، وخزنة الجنة والنار، وملك الجبال، والملائكة السيارة، والحفظة، أي جميع الملائكة، الذين لا يعلم عددهم وقدرهم إلا الذي خلقهم- سبحانه وتعالى-.
ج- لم تقيد الآية الغاية من صلاة الله والملائكة على النبي صلّى الله عليه وسلّم بينما جاءت آية صلاة الله عز وجل- على المؤمنين مقيدة بالسبب، فغاية صلاة الله على المؤمنين، هو إخراجهم من الظلمات إلى النور، قال تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ