دائما أن يطلب الهداية والتوفيق والثبات من الله تعالى، كما يسأله أن يجنبه كل أسباب الضلالة والغواية.
ويتفرع على ذلك: إثبات ضعف أهل السماوات والأرض، فإذا كانوا لا يستطيعون أن يهدوا أحدا، ولا يستطيعون أن يضلوا أحدا، فمن باب أولى لا يستطيعون أن ينفعوا أحدا أو يضروه، وكذا في أبواب الرزق والإحياء والإماتة، فكل ذلك لا يطلب إلا من الله وحده، القادر عليه.
وقد يسأل سائل: لماذا هدى الله هذا وحجب الهداية عن ذاك؟
فأقول: إن مشيئة الله- سبحانه وتعالى- النافذة في عباده، تدور بين الفضل والعدل، فهداية العبد من تمام فضله، وضلاله من كمال عدله، والإنسان الذي يقبل بقلبه وعقله على الله عزّ وجلّ، يسلّم بحكمة الله في كل شيء، ولن يرد عليه هذا السؤال أصلا، وإذا ورد تذكر قوله تعالى: وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فدفع بهذه الآية كل وسواس، وردّ بها كل شيطان.
د- مراعاة الأدب مع مقام الألوهية، حيث لما ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم الهداية نسبها إلى الله، قال:«من يهده الله فلا مضل له» ، ولما ذكر الضلالة، لم يذكر لفظ الجلالة تأدبا مع الله، فقال:«ومن يضلل فلا هادي له» فإذا كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد راعى كمال الأدب مع الله، حتى في الأمور الثابتة لله، فيجب علينا من باب أولى، عدم إضافة أو إثبات أي أمر من الأمور لله إلا بدليل صحيح وصريح، خاصة في الأسماء والصفات وما يختص بالقضاء والقدر، وجميع الغيبيات التي لا تعلم إلا من الكتاب والسنة.
وكذا التأدب مع الله عزّ وجلّ في حديث بعضنا مع بعض، فلا نذكره- سبحانه وتعالى، في النكات والقفشات، ولا نكثر من القسم باسمه، في الجد والهزل، ولا نذكر اسمه تبارك وتعالى- إلا باستحضار الخوف والرهبة والخشية، فالمذكور- جل فى علاه- عظيم الشأن رفيع القدر.
قال- تعالى-: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال: ٢] كما أن من عظيم أدبه مع الله- تبارك وتعالى- أنه لما نطق بالجزء الثاني من الشهادة، وهو قوله:«وأن محمدا عبده ورسوله» راعى أمرين عظيمين؛ وهما: