سنته من فيء بني النضير، وتصديق الجماعة المذكورة له في ذلك، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما من طرق متعددة بألفاظ متقاربة المعنى، وهو نص في أن نفقة أهله صلى الله عليه وسلم كانت من الفيء، لا من الغنيمة.
ويدل له أيضًا الحديث المتقدم "مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم".
فإن قيل: ما وجه الجمع بين ما ذكرتم، وبين ما أخرجه أبو داود من طريق أسامة بن زيد، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا: بنو النضير، وخيبر، وفدك؛ فأما بنو النضير فكانت حبسًا لنوائبه، وأما فدك فكانت حبسًا لأبناء السبيل؛ وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء جزئين بين المسلمين، وجزءًا نفقة لأهله، فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين".
فالجواب -والله تعالى أعلم- أنه لا تعارض بين الروايتين؛ لأن "فدك" ونصيبه صلى الله عليه وسلم من "خيبر" كلاهما فيء كما قدمنا عليه الأدلة الواضحة، وكذلك "النضير" فالجميع فيء كما تقدم إيضاحه، فحكم الكل واحد.
وفي بعض الروايات الثابتة في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، قالت: وكانت فاطمة رضي الله عنها تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، وفدك، وصدقته بالمدينة، فأبى أبو بكر عليها ذلك، وقال: لست تاركًا شيئًا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ.