اختلفت فيها الرواية عن أحمد رحمه الله، فرُوي عنه: أن الدين يمنع الزكاة فيها أيضًا كالأموال الباطنة، وعنه في رواية إسحاق بن إبراهيم، يبتدىء بالدين فيقضيه، ثم ينظر ما بقي عنده بعد إخراج النفقة، فيزكي ما بقي.
ولا يكون على أحد دينه أكثر من ماله صدقة في إبل، أو بقرة أو غنم، أو زرع، ولا زكاة. وبهذا قال: عطاء، والحسن، وسليمان، وميمون بن مهران، والنخعي، والثوري، والليث، وإسحاق.
وروي أن الدين لا يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة، وبه قال الأوزاعي. وقد قدمناه عن الشافعي في [الجديد] وهو قول مالك.
إذا عرفت أقوال العلماء في زكاة الدين، وهل هو مانع من الزكاة؟ ! فاعلم أن اختلافهم في الدين، هل يزكى قبل القبض، وهل إذا لم يزكه قبل القبض يكفي زكاة سنة واحدة؟ ! أو لا بد من زكاته لما مضى من السنين؟ ! الظاهر فيه أنه من الاختلاف في تحقيق المناط، هل القدرة على التحصيل كالحصول بالفعل أو لا؟ ولا نعلم في زكاة الدين نصًّا من كتاب ولا سنة، ولا إجماع، ولا كون الدين مانعًا من وجوب الزكاة على المدين إن كان يستغرق، أو ينقص النصاب إلا آثارًا وردت عن بعض السلف.
ومنها ما رواه مالك في [الموطأ] عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، عن عثمان بن عفان أنه كان يقول: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤد دينه، حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه الزكاة.