ومنها ما رواه مالك في [الموطأ] أيضًا عن أيوب بن أبي ثميمة السختياني، عن عمر بن عبد العزيز: أنه كتب في مال قبضه بعض أولاده ظلمًا يأمر برده إلى أهله، ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين، ثم عقب بعد ذلك بكتاب ألا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة، فإنه كان ضمارًا اهـ. وهو بكسر الضاد: أي غائبًا عن ربه لا يقدر على أخذه، ولا يعرف موضعه.
المسألة السادسة: في زكاة المعادن والركاز.
اعلم أن العلماء أجمعوا على وجوب إخراج حق شرعي من المعادن في الجملة، لكن وقع بينهم الاختلاف في بعض الصور لذلك، فقال قوم: لا يجب في شيء من المعادن الزكاة إلا الذهب والفضة خاصة، فإذا أخرج من المعدن عشرين مثقالًا من الذهب، أو مائتي درهم من الفضة، وجب عليه إخراج ربع العشر من ذلك من حين إخراجه، ولا يستقبل به حولًا.
وممن قال بهذا: مالك، والشافعي. ومذهب الإمام أحمد كمذهبهما؛ إلا أنه يوجب الزكاة في جميع المعادن من ذهب، وفضة، وزئبق، ورصاص، وصفر، وحديد، وياقوت، وزبرجد، ولؤلؤ، وعقيق، وسبح، وكحل، وزجاج، وزرنيخ، ومغرة، ونحو ذلك، وكذلك المعادن الجارية: كالقار، والنفط، ونحوهما، ويقوم بمائتي درهم، أو عشرين مثقالًا، ما عدا الذهب والفضة، فجميع المعادن عنده تزكى، واللازم فيها ربع العشر.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أن المعدن من جملة الركاز، ففيه عنده الخمس، وهو عنده الذهب والفضة، وما ينطبع كالحديد