للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاحظ الإنسان الضعيف أن ربه جل وعلا ليس بغائب عنه، وأنه مطلع على كل ما يقول وما يفعل وما ينوي لان قلبه، وخشي الله تعالى، وأحسن عمله لله جلا وعلا.

ومن أسرار هذه الموعظة الكبرى أَنّ الله تبارك وتعالى صرح بأن الحكمة التي خُلِقَ الخلق من أجلها هي أن يبتليهم أيهم أحسن عملا، ولم يقل: أيهم أكثر عملا، فالابتلاء في إحسان العمل، كما قال تعالى في هذه السورة الكريمة: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} الآية. وقال في الملك: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢)}.

ولا شك أن العاقل إذا علم أن الحكمة التي خلق من أجلها هي أن يبتلى، أي: يختبر؛ بإحسان العمل فإنه يهتم كل الاهتمام بالطريق الموصلة لنجاحه في هذا الاختبار، ولهذه الحكمة الكبرى سأل جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا ليعلمه لأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أخبرني عن الإحسان" أي: وهو الذي خلق الخلق لأجل الاختبار فيه، فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الطريق إلى ذلك هي هذا الواعظ، والزاجر الأكبر الذي هو مراقبة الله تعالى، والعلم بأنه لا يخفى عليه شيء مما يفعل خلقه، فقال له: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك".

واختلف العلماء في المراد بقوله في هذه الآية الكريمة: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} وقوله: {يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} وفي مرجع