وقوله عن هود في سورة هود:{يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي} الآية.
وقوله في الشعراء عن نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالمِينَ (١٠٩)}.
وقوله تعالى عن رسل القرية المذكورة في يس: {اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} الآية.
وقد بينا وجه الجمع بين هذه الآيات المذكورة، وبين قوله تعالى:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} في كتابنا "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" في سورة سبأ في الكلام على قوله تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ}.
ويؤخذ من هذه الآيات الكريمة: أن الواجب على أتباع الرسل من العلماء وغيرهم أن يبذلوا ما عندهم من العلم مجانًا من غير أخذ عوض عن ذلك، وأنه لا ينبغي أخذ الأجرة على تعليم كتاب الله تعالى، ولا على تعليم العقائد والحلال والحرام. ويعتضد ذلك بأحاديث تدل على نحوه، فمن ذلك ما رواه ابن ماجه والبيهقي، والروياني في مسنده عن أبي بنُ كعب رضي الله عنه قال: علمت رجلًا القرآن، فأهدى لي قوسًا، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال:"إن أخذتها أخذت قوسًا من نار" فرددتها.
قال البيهقي وابن عبدِ البر في هذا الحديث: هو منقطع، أي: بين عطية الكلاعي، وأبي بنُ كعب، وكذلك قال المزي، وتعقبه