القول الثالث: أن اللائط لا يقتل ولا يحد حد الزاني، وإنَّما يعزر بالضرب والسجن ونحو ذلك. وهذا قول أبي حنيفة.
واحتج أهل هذا القول بأن الصحابة اختلفوا فيه، واختلافهم فيه يدل على أنَّه ليس فيه نص صحيح، وأنه من مسائل الاجتهاد، والحدود تدرأ بالشبهات، قالوا: ولا يتناوله اسم الزنى؛ لأن لكل منهما اسمًا خاصًا به، كما قال الشاعر:
من كف ذات حر في زي ذي ذكر ... لها محبان لوطى وزناء
قالوا: ولا يصح إلحاقه بالزنى لوجود الفارق بينهما؛ لأن الداعي في الزنى من الجانبين بخلاف اللواط، ولأن الزنى يفضي إلى الاشتباه في النسب وإفساد الفراش بخلاف اللواط.
قال في مراقي السعود:
والفرق بين الأصل والفرع قدح ... إبداء مختص بالأصل قد صلح
أو مانع في الفرع ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... إلخ.
واستدل أهل هذا القول أيضًا بقوله تعالى:{وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} الآية.
قالوا: المراد بذلك: اللواط. والمراد بالإيذاء: السب أو الضرب بالنعال. وقد أخرج عبدِ بنُ حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد:{وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} قال: الرجلان الفاعلان.
وأخرج آدم، والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله:{فَآذُوهُمَا}