بصالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام إلَّا في حال الخفاء، وأنهم لو فعلوا به ذلك خفاء وسرقة لكانوا يحلفون لأوليائه الذين هم عصبته أنهم ما فعلوا به سوءًا، ولا شهدوا ذلك ولا حضروه خوفًا من عصبته، فهو عزيز الجانب بسبب عصبته الكفار.
وقد قال تعالى لنبينا - صلى الله عليه وسلم -: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (٦)} أي: آواك بأن ضمك إلى عمك أبي طالب.
وذلك بسبب العواطف العصبية، والأواصر النسبية، ولا صلة له بالدين ألبتة؛ فكونه جل وعلا يمتن على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بإيواء أبي طالب له دليل على أن الله قد ينعم على المتمسك بدينه بنصرة قريبه الكافر، ومن ثمرات تلك العصبية النسبية قول أبي طالب:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم ... حتَّى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة ... أبشر بذاك وقر منه عيونا
وقوله أيضًا:
ونمنعه حتَّى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل
ولهذا لما كان نبي الله لوط عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ليس له عصبة في قومه الذين أرسل إليهم، ظهر فيه أثر عدم العصبة؛ بدليل قوله تعالى عنه: {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (٨٠)}.
وهذه الآيات القرآنية تدل على أَنّ المسلمين قد تنفعهم عصبية