المذكور جار أيضًا في سجود الظلال، فقيل: سجودها حقيقي، والله تعالى قادر على أن يخلق لها إدراكًا تدرك به وتسجد لله سجودًا حقيقيًا، وقيل: سجودها ميلها بقدرة الله أول النهار إلى جهة المغرب وآخره إلى جهة المشرق، وادعى من قال هذا أن الظل لا حقيقة له لأنه خيال فلا يمكن منه الإدراك.
ونحن نقول: إن الله جل وعلا قادر على كل شيء، فهو قادر على أن يخلق للظل إدراكًا يسجد به لله تعالى سجودًا حقيقيًا، والقاعدة المقررة عند علماء الأصول هي حمل نصوص الوحي على ظواهرها إلا بدليل من كتاب أو سنة، ولا يخفى أن حاصل القولين:
أن أحدهما: أن السجود شرعي، وعليه فهو في أهل السموات والأرض من العام المخصوص.
والثاني: أن السجود لغوي بمعنى الانقياد والذل والخضوع وعليه فهو باق على عمومه، والمقرر في الأصول عند المالكية والحنابلة وجماعة من الشافعية أن النص إن دار بين الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية حمل على الشرعية، وهو التحقيق خلافًا لأبي حنيفة في تقديم اللغوية، ولمن قال: يصير اللفظ مجملًا لاحتمال هذا وذاك. وعقد هذه المسألة صاحب مراقي السعود بقوله:
واللفظ محمول على الشرعي ... إن لم يكن فمطلق العرفي
فاللغوي على الجلي ولم يجب ... بحث عن المجاز في الذي انتخب