للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلزم من الظرف أن يملأه المظروف، تقول: زيد في المدينة، وهو في جزء منها.

واعلم أن لفظ الآية صريح في أن نفس القمر في السبع الطباق؛ لأن لفظة "جعل" في الآية هي التي بمعنى صيّر، وهي تنصب المبتدأ والخبر، والمعبر عنه بالمبتدأ هو المعبر عنه بالخبر بعينه لا شيء آخر، فقولك: جعلت الطين خزفًا، والحديد خاتمًا، لا يخفى فيه أن الطين هو الخزف بعينه، والحديد هو الخاتم، وكذلك قوله: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيْهِنَّ نُوْرًا} فالنور المجعول فيهن هو القمر بعينه، فلا يفهم من الآية بحسب الوضع اللغوي احتمال خروج نفس القمر عن السبع الطباق، وكون المجعول فيها مطلق نوره؛ لأنه لو أريد ذلك لقيل: وجعل نور القمر فيهن، أما قوله: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيْهِنَّ نُوْرًا} فهو صريح في أن النور المجعول فيهن هو عين القمر، ولا يجوز صرف القرآن عن معناه المتبادر بلا دليل يجب الرجوع إليه، ويوضح ذلك أنَّه تعالى صرح في سورة الفرقان بأن القمر في خصوص السماء ذات البروج بقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (٦١)} وصرح في سورة الحجر بأن ذات البروج المنصوص على أن القمر فيها هي بعينها المحفوظة من كل شيطان رجيم بقوله: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦)}.

وما يزعمه بعض الناس من أنَّه جل وعلا أشار إلى الاتصال بين أهل السماء والأرض في قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (٢٩)} يقال فيه: إن